طريقة تسمح للأطفال التعبير عن أنفسهم عن طريق اللعب
“ما هي وظيفتك أو عملك؟”
السؤال المعتاد الذي نواجهه جميعاً أو نسأله للآخرين من وقت لآخر في محادثاتنا معهم. يكون هذا السؤال مضحكاً عندما تكون إجابتك أنك شخص يمارس العلاج عن طريق اللعب مع الأطفال، يجد العديد من الأشخاص صعوبة بالرد على ذلك، فأتلقى غالباً ردوداً مثل: “يبدو الأمر ممتعاً، فأنت تلعبين مع الأطفال طوال اليوم!”.
عادةً ما أبتسم لنفسي وأفكر بأنه فعلاً أمرٌ ممتع! ومع ذلك، فإن هذا المرح كله لا ينصف ما يحدث فعلاً في غرفة اللعب. المرح لا يعكس حجم الشفاء والنمو والتعبير عن الذات والمرونة التي أختبرها مع الأطفال في غرفة اللعب.
من خلال العلاج عن طريق اللعب، رأيت وشعرت بالخوف من العنف المنزلي وهو يمثل أمامي في بيت الدمى، حيث يكون الطفل بحاجة إلى مشاركة تلك الذكريات مع شخص ما يكون شاهداً عليها ومتقبلاً لمشاعر الطفل دون أي أحكامٍ مسبقة. لقد رأيت أطفالاً يلعبون بدمية على شكل طفل رضيع، يطعمونها ويغسلونها، وكأنهم يعتنون بأنفسهم؛ حاجة تشكلت لديهم نتيجة لإهمالهم وهم في عمر أصغر. ورأيت أطفالاً يعانون من الصمت الاختياري، يتكلمون ويلعبون مع الدمى، حتى تمكنوا من التخلص من التوتر والتحدث خارج غرفة اللعب.
أشعر بالامتنان لأنني استطعت ان أعطي هؤلاء الأطفال فرصة للنمو والتطور والتعبير عن أنفسهم تحت أفضل الظروف. ففي غرفة اللعب، يكون الطفل هو أهم شخص فيها، فهو من يتحكم بنفسه وبكل ما يحدث حوله.
أما التواجد فيها كمعالج، فهذا يعني قبولهم وتفهمهم وإعطائهم إحساساً بالأمان، وعكس سلوكياتهم الخاصة بهم بطريقة تساعدهم على فهم مشاعرهم بشكلٍ أفضل ولو قليلاً. إضافة إلى السماح لهم بالتعبير عن مشاعرهم المتراكمة من التوتر والإحباط وانعدام الأمان والعدائية والارتباك.
اللعب هو الوسيلة الطبيعية للتعبير عن الذات بالنسبة للأطفال، وكما قالت فيرجينيا أكسلاين: “اللعب هو لغة الطفل، والألعاب هي كلماتهم”.
التعبير الرمزي للعلاج عن طريق اللعب يدعو المعالج إلى عالم الطفل البعيد عن الواقع وقيوده! فتجد الطفل يستخدم اللعب للسيطرة على عالمه والتحكم به. فالأطفال يملكون القدرة على أن يكونوا أي شيء وأن يفعلوا أي شيء في غرفة اللعب. لذلك، يطورون شعوراً بالسيطرة والكفاءة، مما يساعدهم في تطوير ثقتهم بأنفسهم واحترامهم لذواتهم.
العلاج باللعب هو طريقة لمساعدة الأطفال على مساعدة أنفسهم! على سبيل المثال، يشير تكرار بعض السلوكيات في غرفة اللعب مثل اختيار اللعبة نفسها أو تمثيل نفس السيناريو في كل مرة إلى أن هناك قضية ما مهمة تشغل تفكير الطفل يوضح السلوك المتكرر أن الطفل مصمم على التعبير عن صراع ما في داخله وربما إيجاد طرق لإدارة هذا الصراع وحله. بعض الأمثلة على ذلك في غرفة اللعب هي عندما يقوم الطفل بدفن نفس اللعبة بشكل متكرر في صندوق الرمل أو الاستمرار في تكرار سيناريو إصابة لعبة وأخذه إلى المستشفى قبل أن يموت أو استخدام علبة الإسعافات الأولية لتضميد يديه.
كان هناك العديد من الأهالي الذين شككوا من فكرة العلاج عن طريق اللعب حتى رؤوا النتائج ظاهرة على سلوكيات أطفالهم. ومع ذلك، لا يمكن تسريع عملية العلاج عن طريق اللعب لأنه يعتمد على استعدادية الطفل نفسه ومدى تجاوبه.
سوف يبرزون قدراتهم على الشفاء الذاتي ويصبحون أحراراً في التعبير عن أنفسهم بمجرد أن يشعروا بالأمان الكافي مع معالجهم في غرفة اللعب.
ينجح العلاج باللعب لأن اللعب لغة عالمية ولا يحتاج الأطفال إلى امتلاك مهارات معرفية أو لفظية للتحدث عن مشاعرهم وتجاربهم.
وهكذا ومع نهاية كل اليوم، وبعد أن عادت جميع الألعاب إلى الرفوف وقام الأطفال بكل ما يحتاجون إليه في غرفة اللعب، سيكون من الصعب علي أن أجيب أحدهم إذا سألني: “كيف كان يومك؟”، لأنني مهما حاولت أن أشرح، لن أتمكن أبدًا من وصف ما يشاركني إياه الأطفال من عالمهم وهم يلعبون، ولا أن أفسر للآخرين أن ما أقوم به ليس أمراً ممتعاً وحسب، وإنما هو أكثر من ذلك.. إنه علاج عن طريق اللعب!
المصدر: أمهات360
ساهم بإثراء النقاش حول هذا المحتوى